في اليوم العالمي للمرأة تحية لكفاح المرأة العراقية ضد محاولات تكريس زمن الرق والعبودية

تيسير عبدالجبار الآلوسي
tayseer54@hotmail.com

2022 / 3 / 8

بين تهاني العيد أملا أمنية وبين واجب التضامن واقعا من أجل عالم جديد لابد من رفع وعينا المجتمعي من أجل المساواة والعدالة ومن أجل إنهاء التمييز الجندري بكل تمظهراته

مع دورة كل عام وسنة، يؤشر من جديد، الثامن من آذار مارس (اليوم العالمي للمرأة) ذاك اليوم الذي مرت عليه عقود بعيدة؛ لثورتها من أجل التحرر والمساواة وإنصاف إنسانيتها؛ المعتدى على وجودها منقوص الحقوق والحريات بنسب متفاوتة بين المجتمعات والدول..
وعراقيا لا يستطيع طرف تقديم التهاني من دون أن يشير إلى أن فضاء البلاد ما زالت تحكمه: قوانين وأعراف اجتماعية لما تمّ إنعاشه في مفاقس قوى الطائفية بمرجعية إسلامها السياسي بكل ظلاميات ما ترتديه من عباءته وتخلف ما اصطنعته باسم الدين من جهة وباسم منظومة القيم بمرجعيات تقاليد وعادات هي من الأعراف) المنقرضة التي يجري إحياؤها بخلفية منطق الخرافة ونهجه المختلق..
إننا بحق لنرجو قريباً أن نهنئ بهذا اليوم بوصفه عيد انتصار لإنسانية المرأة ولمبدأ المساواة ولانعتاقها وتحررها من قيود العبودية وأزمنة الرق بكل أشكالها وادعاءات التمسك بها ظلما واضطهاداً..
لكن التمني لن يمثل بحق موقفاً ناضجا سليما لأنّ مجرد التهنئة والاكتفاء بها هو عيس في عالم الحلم بل الوهم إذ أن النساء يعانين اليوم من ظروف استغلالية قاسية حتى في أفضل بلدان التقدم بخلفية طابع النظم والتشكيلات الاقتصااجتماعية ومناهج وجودها ولهذا السبب يستمر تدارس تلك الأوضاع بقصد التعديل والتقدم إلى أمام من أجل استكمال مؤشرات التحرر الأنجع والأشمل..
أما عراقيا فنحن ملزمون بتأكيد أن النظام القائم على محاولات تكريس منظومة حكم ثيوقراطية بمرجعية نظام كليبتوفاشي بجناحيه المافيوي المفسد والميليشياوي العنفي سيبقى سببا خطيرا لانتهاك لا الشأن الحقوقي المطلبي للمرأة العراقية بل كامل وجودها وإنسانيتها حيث لا يطفو لها من وجود ويظهر إلا ما يخضع لطابع النظام وفكره السياسي الاجتماعي..
وفي ظل هذا النظام وما يفرضه من تفشي التخريب في التعليم والثقافة أو وعي الإنسان المحكوم بفرض ظلام فكري شامل وخواء فيه سيكون منطق الخرافة هو ما يشغل بنية الشخصية وانشغالاتها واشتغالاتها حيث الهشاشة والضعف أو الهزال ومن ثم استعدادها للخنوع والخضوع التام لمرجعيات مزيفة تتحكم بتخليق منظومة قيمية غريبة على المجتمع لكنها متحكمة به في ضوء التظاهر بتمثيل حصري للمقدس الإلهي وترهيب المجتمع بكليته وشموله سواء ترهيبا فكريا أخلاقيا أو ما يُسمى دينيا مقدسا أم بكل أشكال العنف التي تسطو على تفاصيل اليوم العادي..
إن المرأة العراقية اليوم مستعبدة بقيود تُسقِط على ما ترتكب من جرائم هالة القدسية الدينية والاجتماعية القيمية في أعراف وتقاليد ماضوية جد خطيرة.. فتشهد الحياة اليومية جرائم الخطف والاغتصاب كون المرأة الحلقة الأضعف لا تتوافر في ظل الانفلات الشامل وسطوة البلطجة الميليشياوية والمفاهيم الذكورية المرضية أي شكل للحماية وبأي مكان كانت! وهو ما يشمل حتى البيت الذي يحتويها!!
والمرأة تعاني من العنف المنزلي بكل أشكاله حد الابتزاز المستمر بكل لحظة وحدّ القتل والتصفية الجسدية عند تهديد سلطة الذكورية الفردية والجمعية بمرجعياتها الماضوية السلفية..
إنّ وجود بضع منظمات نسوية لا يكفي من دون وحدة كلمتها ومنهجها بخاصة بوجود منظمات ذات مرجعيات تتحكم بها قوى الخرافة والتجهيل والتخلف بأردية وأغطية قد تستر عن بصر قباحة منظومتها ومستهدفاتها الحقيقية لكنها لا تمنع البصائر عن رؤية جواهر أفعالها وما ترتكبه من جرائم خطيرة تجاه الحقوق والحريات على سبيل المثال ممالأتها فلسفة ذكورية من زمن الأقنان والرق والعبودية..
لهذا نناشد كل المنظمات النسوية التنويرية من أجل إيجاد تنسيقية موحدة تنظم جهودها ومناهج اشتغالها وتضع برامج نضالها الوطني والمطلبي التحرري بين استراتيجية سليمة وتكتيكات مناسبة للصراع الدائر..
إن أبرز مهامنا اليوم تكمن في زيادة الوعي التنويري وتعميق فرص التحرر والانعتاق والارتقاء بمناهج العمل وبناء الشخصية النسوية السوية القادرة على التعبير عن وجودها في عصرنا لا تلك التي تجتر بخنوع أقوال ذكور يتحكمون بحراكها فتطلق صيحات أعيدونا إلى بيوتنا وكأن وجودها في المدارس والمعامل والحقول يمثل جريمة تتعارض والبيت إذا ما كان مكانا آمنا سويا لها!
لكن البيت المشار الذي طالب به الصوت الذكوري لحبس المرأة فهو ذاته الذي تئن فيه من الاستغلال والابتزاز الذكوري ومصادرة إنسانيتها وهو ذاته الذي تقبع فيه تحت عصا العنف الأسري المنزلي بكل أشكالها اللفظية السلوكية من تعنيف نفسي روحي ومن أشكال المهانة والاستصغار والتهميش ومعه التعذيب الجسدي البدي بكل معانيه من جلد وضرب وعقوبات أخرى وجرائم كما في الاغتصاب مثالا وليس حصرا..
ليكن اليوم العالمي يوما أمميا للتضامن مع المرأة العراقية ضد أشكال استغلالها وابتزازها وإفشاء الأمراض الاجتماعية وغيرها مما يُرتكب بحقها وهذه هي التهنئة المبكرة التي نتطلع إليها ليس كأمنية، بل بوصفها أملاً وتطلعاً للآتي من انتصارات التحرر والتنوير والتقدم وإنهاء فلسفة ذكورية مرضية ومن تحييد وتهميش يقصيها من الوجود الإنساني ويجعلها خارجه تابعة خانعة بينما الصائب تقدمها نحو امتلاك كامل المساواة في كل تفاصيل الوجود الإنساني..
تحية للمناضلات الأبيات ومنظومة قيمهن الكفاحية وتحايا لرابطة المرأة العراقية ولكل المنظمات النسوية الوليدة من أجل ذات المبادئ للحريات والحقوق غير منقوصة..



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة