لا تؤجل البوح بالأشياء الجميلة، أنطون تشيخوف

محمد عبد الكريم يوسف
levantheartland@gmail.com

2022 / 3 / 26

لا تؤجل البوح بالأشياء الجميلة
أنطون تشيخوف
نقل معانيها إلى العربية محمد عبد الكريم يوسف

يحكى أن فلاحا عجوزا حمل زوجته المريضة في المقعد الخلفي من العربة التي يجرها حصان هزيل، إلى المدينة البعيدة لعلاجها.

وفي الطريق الطويل، بدأ الرجل يتحدث لزوجته و يفضفض.. وكأنه يناجي نفسه، ولكنه في ذات الوقت نفسه يواسي زوجته المريضة التي عاشت معه طوال أربعين عاما في شقاء وبؤس ومعاناة تكد وتكدح، تساعده في الحقل، وتتحمل وحدها أعباء البيت.

واليوم، أحس أنه كان قاسيا معها طوال السنوات الماضية، وأن عليه أن يعاملها بلطف ولين وأن يُسمعها الكلمات الطيبة.

أخبرها أنه ظلمها وأن الحياة أيضا ظلمتها وهو لم يجد الوقت في حياته اليومية ليقول لها كلمة طيبة حلوة وعذبة أو يقدم لها ابتسامة صافية رقيقة كالماء أو يمنحها لحظة حنان.

واستمر الرجل يتحدث بحزن وأسى، طوال الطريق
والكلمات تحفر لها طريقا في النفس البشرية.. و مجرى كما يحفر الماء المتساقط على الصخر.. خطوطا غائرة يعوضها بالكلمات عما فقدته خلال الأربعين عاما الماضية من الحب والحنان ودفء الحياة الزوجية وأخذ يقدم لها الوعود بأنه سوف يحقق لها كل ما تريده وتتمناه في بقية عمره.

و عندما وصل الرجل إلى المدينة، نزل من المقعد الأمامي ليحملها من المقعد الخلفي بين ذراعيه لأول مرة في حياته إلى الطبيب ولكنه فوجئ أنه وجدها قد فارقت الحياة.لقد كانت جثة باردة. وفارقت الحياة بالطريق. فارقت الحياة قبل أن تسمع حديثه العذب الشجي.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة