حزام العفة بين الإشاعة والواقع الأخلاقي!!

عدنان سلمان النصيري
adsn21@yahoo.com

2022 / 3 / 28

موضوع جريئ للمناقشة..
حزام العفة المطبق على النساء بين الأسطورةوالواقع!
استوقفني هذا الخبر الاستفزازي والغريب جدا قبل بضعة سنوات من خلال إحدى وسائل الإعلام ، ومفاده:
(( استدعت امراة إيطالية قبل أيام فرقة الإطفاء في بلدتها، لمساعدتها على فك قفل حزام العفة الحديدي، بعدما أضاعت مفتاحه..
الواقعة أثارت استهجاناً واستغراباً حول ما إذا تم إجبار المرأة على ارتدائه بالغصب لحمايتها من الاغتصاب الجنسي وصيانة الشرف ، ليتبين لاحقاً أنها اختارت أن ترتديه بنفسها لتمتنع من الانخراط في علاقة جنسية. ))(انتهى الخبر).

وبعد اطلاعي على هذا الخبر، قادتني افكاري الى تذكر ماقرأت في المرحلة الاعدادية، ونحن صبية نتوق كثيرا للشغب والتعليق، من أجل المزاح وإثارة الضحك على كل شيئ مثير للفوضى .. مما يجعلنا نتقصد أن نستوقف مدرس التاريخ بعفوية مصطنعة ومزدوجة بالغباء والنفاق المقنع بالشيطنة وإثارة السخرية على المعلم المسكين، وكذلك على بعض التلاميذ المغمضين(الكمش على التيغة)، وهم الفاغرين لافواههم بمنغوليا صدمة الاثارة وغرابة المعلومة، في توضيح واعادة بعض المصطلحات الحساسة المتعلقة باحزمة العفة والشرف، المطبقة على النساء في العصور الوسطى المظلمة بأوربا قبل النهضة.
فما هو أصل حزام العفة والشرف؟ وهل أجبرت النساء حقاً على ارتدائه؟…
يعود تاريخ أحزمة العفة الحديدية للعصور الوسطى في القارة الأوروبية، حيث ساد تصور شائع يومذاك، بأن الرجل في ذلك الوقت، كان يربط حزام مصنوع من الحديد، حول حوض المرأة وجهازها التناسلي لحمياتها من الاعتداءات الجنسية، أو للتأكد من عدم خيانتها أثناء غيابه.
وتكشف الأحزمة المعروضة في المتاحف التاريخية، إن الهدف منه حماية عفة المرأة، مع ترك فتحة صغيرة مسننة للتبول .
وتذكر الروايات والكتب التاريخية كيف كان الرجال يتركونه على زوجاتهم عند خروجهم للقتال في الحرب وأحيانا لعدة سنوات.
وظهر أول حزام حديدي العام 1405 م، في كتاب يدعى بيلليفورتس”Bellifortis“.
وأجمع عدد من المؤرخين على أن معاصري العهد الفيكتوري روجوا لهذا النوع من الأحزمة، لترسيخ الفكرة المنمطة عن بربرية تلك الحقبة، مقارنة بالانفتاح الذي شهدته أوروبا في عصر النهضة.
وبعد مرورنا على كل هذه القراءة.. فلدينا وقفة أخرى لمداخلة مثل هذه المعلومة، التي أصبحت جزءا واقعيا لكثير من الافكار داخل المجتمعات الذكوري، التي تشكو العفن والغباء في وسط يأن بعرير الصراصير واطيط الخفافيش، وهي تشكو الاحباط والتخبط في ادامة شراكات العلاقات الزوجية.. سواءاً بالتخويين أو بمصادرة الثقة من اللحظة الأولى، بعيدا عن غرس المفاهيم الانسانية والاخلاقية العميقة في تنمية شخصية المرأة، وعدم القيام بترصين الروابط الأسرية بشكل رصين.. والابتعاد عن الميزان المتبادل في صيانة الحقوق بين الجنسين، وعدم ممارسة العواطف الحقيقية والصريحة، والتنكر لاصول الانتماء في الموروث والاخلاق ورضا الله.
وعدم الانطلاق من المبدأ السامي لصيانة الشرف اعترافا بادمية الاخر وكل أحاسيسه ومشاعره وغرس الثقة بالنفس وبالمواثيق التي يرسمها الضمير وتباركها اخلاق السماء قبل الورقة وشهادة الآخرين.
وهناك اكثر من سؤال يحتاج إلى إجابة وبغض النظر عن كون حزام العفة مجرد إشاعة او واقع، فهل لخيانة الجسد لها عنوان واحد وفي منطقة محددة بعينها للانتهاك من دون المناطق الاخرى والمساحات في تبادل الشهواة والنزواة خارج أحزمة العفة.
وهل خيانة الشرف مرهونة على بيع الجسد فحسب ، وهنا فإن منطق مبدأ العفة والاخلاق التكامل بكل شيئ و اذا ما سقط الجزء سيسقط الكل لحاقا.
فكم من شراكة ظاهرها صيانة للعهد والعفة واصحابها من احد الجنسين او كلاهما.. غارقيّن بأحلام اليقظة بممارسة الخيانة داخل الروح والفكر والوجدان، يتلبسون العشق المحرم للمعشوق الطارئ بخيال المعاشرة طيلة فترة ممارسة الحب على فراش الزوجية الواحد او بالعلاقة التي تكفلها المواثيق والوعود المقدسة .. فماذا نقول على هكذا خيانات زوجية او ارتباطية لا تترك اثارا مادية ملموسة بالإدانة مع سبق الاصرار والترصد بارتكاب هكذا رواجس أخلاقية و محرمات؟؟ .. فهل ستبقى ضرورة لحزام العفة او أثرا للمحافظة على قدسية الشرف؟؟..
وختاما لابد من الاستذكار أيضا فأن هناك نِعَمٌ كثيرة جاءت بها نواميس السماء وكل القوانين الوضعية والعرفية للمجتمعات الانسانية على الأرض، لحماية الانسان نفسه من الوقوع في دائرة الاتهام المبنى على الظنون والتعسف المتبادل اعتماداً على قاعدة الرجم بالغيب.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة