(الفحل السياسي)

نساء الانتفاضة
nisaa.alintifadha@yahoo.com

2022 / 6 / 9

"الفحل السياسي"

هو أحد العناوين الفرعية لكتاب "بنيان الفحولة-أبحاث في المذكر والمؤنث" للكاتبة رجاء بن سلامة، وقد بحثت فيه مشاركة المرأة في الحياة السياسية، من خلال تفكيك الخطاب الديني، الذي يضع القيود والموانع والحدود للمشاركة الفاعلة للمرأة في الحياة السياسية، وهي تدلل على ذلك بنسبة تمثيل المرأة في البرلمانات العربية والتي لا تتجاوز 5.7 بالمئة، وهي كما تقول الكاتبة "أضعف نسبة تمثيل برلماني للنساء في العالم".

يرتكز الخطاب الديني على حجج دينية، قوة اقناعها لا تأتي كما تقول الكاتبة "من منطقها الخاص او من تطابقها او عدم تطابقها مع واقع ما، بل من موقع قائلها او المرجع المقدس الذي اخذت منه واليه تمت احالتها"، وهذا نراه بشكل كبير وواضح، خصوصا في البلدان التي يحكمها رجال دين، فأن كلمته "خطابه" هو الفصل والحسم، بغض النظر عن تفاهة هذا الخطاب او تهافته او مخالفته للحياة وتطورها.

تعرض الكاتبة عدة نقاط تمهد بها بحثها في الخطاب الديني هي:

أولا: الاعتبارات الطبيعية، او ما تسميه ب "المفهوم الغائم" حول "طبيعة المرأة" وهو الذي يمثل العنصر الثابت في الفتاوى الدينية، أي ان المرأة لها "طبيعة مغايرة" عن الرجل، وهي بذلك تحتاج للتعامل خاص، فالمرأة كائن ضعيف بطبيعته وليس بكامل عقلها، وهذه المفاهيم يعمل على تأبيدها وسرمديتها وجعلها لازمة للمرأة، وهو ما يقوي الخطاب الديني.

ثانيا: الانتقال من الطبيعي الى الإلهي: وفيه يتم الربط بين الوظائف البيولوجية للمرأة "كالحيض مثلا" ونقصانها بالتكاليف الدينية، حتى يتم تبرير وضعا اجتماعيا ثقافيا معينا "شهادة المرأة تعد نصف شهادة الرجل، عدم اهليتها لتقلد الأدوار التسييرية" "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة".

ثالثا: آليات الفقه: ولإزاحة المرأة عن المشاركة السياسية، فأن الفقه يستند على مبدأ "قوامة الرجل" في جميع الشؤون العامة، بل ان الكاتبة تذكر فتوى مفتي السعودية عبد العزيز الباز التي يقول فيها "عمل المرأة من أعظم وسائل الزنا" فهو لا يعترض فقط على مشاركة المرأة في السياسة، بل انه يرفض فكرة عمل المرأة ويعده وسيلة "للزنا".

هنا تصل الكاتبة الى مبحث "اسطورة الفحل الحيواني-الزعيم-الأوحد" وهي تراه قابع في لا وعينا لا يريد المغادرة "فنحن نرى ان صورة الفحل، أي الذكر القوي الشديد المتغلب على غيره من الذكور والاناث ما زالت تحكم تفكيرنا الاجتماعي والسياسي الى يومنا هذا" وهي تتبع هذه الصورة من خلال كتابات العديد من الكتاب والمفكرين أمثال "الجاحظ والعقاد"، ولا تنسى ان هذه المعطيات الأسطورية ليست بمعزل عن المعطى الديني، فأسطورة فحولية السلطة الخطاب الديني هو من يزيد في اسطرتها وتأبيدها.

في العراق تتجلى "فحولية السلطة" بأوضح اشكالها، فهنا ليس فقط الخطاب الديني من يؤكد على هذه "الفحولية"، بل ان القوى العشائرية والدينية الذكورية كلها اجتمعت لتعطي خطابا وممارسة تدّني من مستوى المرأة وتحرمها كل مكتسباتها، بل قد أصبحت "تابعة" للرجل، اما مشاركة المرأة في الحياة السياسية، فأقل ما يقال عنها انها تابعة "للسيد، الشيخ، الحجي"، وتلك المرأة البرلمانية هي الأكثر عداوة للمرأة ذاتها، فهي تؤمن بشكل تام ب "فحولية السلطة".

تختم رجاء بن سلامة فصلها الرائع "الفحل السياسي" بفضح المقاربات التي تجوهر "الفوارق بين النساء والرجال لغايات تخدم الهيمنة لا المساواة"، لذا "فالأفضل ان لا نقول لأطفالنا: هناك جنسان: ذكر وانثى، بل نقول لهم: الانسان في أي مكان يولد فيكون انثى او ذكرا او غير ذلك".
طارق فتحي



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة