وضعية النساء المسنات في اليوم العالمي للأشخاص المسنين

إدريس ولد القابلة
saharaokd@gmail.com

2022 / 10 / 5

خلد المجتمع الدولي في فاتح أكتوبر ، اليوم العالمي للأشخاص المسنين. وتطرق موضوع هذه السنة إلى الدور المهم الذي تلعبه النساء المسنات في مواجهة التحديات العالمية والمساهمة في حلولها بمرونة وشجاعة.

بهذا الخصوص، عموما تظل مساهمات النساء المسنات وخبراتهن غير مرئية ومهملة إلى حد كبير ، ومحدودة بسبب الحرمان المتراكم طوال الحياة. ويضاعف التقاطع بين التمييز على أساس العمر والجنس التفاوتات الجديدة والقائمة ، بما في ذلك الصور النمطية السلبية التي تجمع بين التمييز ضد الشيخوخة والتمييز على أساس الجنس.

هذه السنة برزت جملة من المطالب، منها تسليط الضوء على قدرة المسنات على الصمود في مواجهة أوجه التفاوتات البيئية والاجتماعية والاقتصادية طويلة الأمد، وزيادة الوعي بأهمية تحسين جمع البيانات على مستوى العالم، مصنفة حسب العمر والجنس، ودعوة الدول الأعضاء والمنتظم الدولي، وكيانات الأمم المتحدة، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، والمجتمع المدني لإدراج المسنات في المراكز المعنية بصنع القرار وبلورة السياسات، وضمان المساواة بين الجنسين في هذا المجال .

واعترافًا بالدور الحيوي للمسنات وتعزيز مشاركتهن في استجابة أفضل للتحديات المحلية والعالمية ، يعد اليوم الدولي لكبار السن لهذه السنة دعوة للعمل وفرصة لرفع صوت المسنات وإبراز قدرتهن على الصمود وإسهاماتهن في المجتمع ، مع تعزيز حوارات السياسات لتعزيز حماية حقوق الإنسان لكبار السن والاعتراف بإسهاماتهم في التنمية المستدامة، ورفع الصمت على دور النساء المسنات في مواجهة التحديات العالمية والمساهمة في بلورة حلولها.

في 14 ديسمبر 1990 ، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة فاتح أكتوبر اليوم الدولي لكبار السن. وقد سبق ذلك مبادرات مثل خطة عمل "فيينا" – النمسا - الدولية للشيخوخة ، التي اعتمدتها الجمعية العالمية للشيخوخة عام 1982 وأيدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من نفس العام.

في عام 1991 ، اعتمدت الجمعية العامة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن (القرار 46/91). في عام 2002 ، اعتمدت الجمعية العالمية الثانية للشيخوخة خطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة ، للاستجابة للفرص والتحديات التي تطرحها شيخوخة السكان في القرن الحادي والعشرين ولتعزيز تنمية مجتمع لجميع الأعمار.

وفي عام 2002 عقدت الجمعية العالمية الثانية للشيخوخة في مدريد. وتم اعتماد إعلانا سياسيا وخطة عمل الدولية للشيخوخة بهدف وضع سياسات دولية للشيخوخة مواءمة للقرن الحادي والعشرين. ودعت خطة العمل إلى تغيير في المواقف والسياسات والممارسات على جميع المستويات للاستفادة من الإمكانات الهائلة لكبار السن في هذا القرن.

فمع حلول عام 2020، فاق عدد الذين بلغت أعمارهم 60 عامًا فما فوق عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات. على مدى العقود الثلاثة المقبلة، من المتوقع أن يتضاعف عدد كبار السن في جميع أنحاء العالم ليصل إلى أكثر من 1.5 مليار شخص في عام 2050 وسيعيش 80 في المائة منهم في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

لقد تغيرت تركيبة سكان العالم بشكل كبير في العقود الأخيرة. بين عامي 1950 و 2010، ارتفع متوسط العمر المتوقع في جميع أنحاء العالم من 46 إلى 68 عامًا. وعلى الصعيد العالمي، كان هناك 703 ملايين شخص تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر في 2019. وكانت منطقة شرق وجنوب شرق آسيا موطنًا لأكبر عدد من كبار السن (261 مليون) ، تليها أوروبا وأمريكا الشمالية (أكثر من 200 مليون). وعلى مدى العقود الثلاثة القادمة، من المتوقع أن يتضاعف عدد كبار السن في جميع أنحاء العالم ليصل إلى أكثر من 1.5 مليار شخص في 2050. وستشهد جميع المناطق زيادة في حجم السكان الأكبر سنًا بين عامي 2022 و 2050. ومن المتوقع حدوث أسرع زيادة في عدد كبار السن في شمال إفريقيا وغرب آسيا. ومن المتوقع أن تكون ثاني أسرع زيادة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. على نقيض ذلك، يُتوقع أن تكون الزيادة صغيرة نسبيًا في أستراليا ونيوزيلندا (84 في المائة) وفي أوروبا وأمريكا الشمالية (48 في المائة)، وهي المناطق التي يكون فيها السكان بالفعل أكبر سناً بكثير مما هو عليه في أجزاء أخرى من العالم.

فالعالم يشيخ، إذ كل بلدان العالم تقريبا تشهد نموا في أعدد كبار السن بين سكانها ونسبتهم. ومن المتوقع أن تصبح الشيخوخة واحدة من أبرز التحولات الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين، حيث ستؤثر في جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك سوق العمل ، والطلب على السلع والخدمات، مثل السكن والنقل والحماية الاجتماعية، فضلا عن البُنى الأسرية والروابط بين الأجيال. وفي العقود المقبلة، ستواجه كثير البلدان ضغوطا سياسية ومالية بسبب النظم العمومية فيها مثل نظم الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية وإتاحة الحماية للشريحة المسنة. على الصعيد العالمية، إن أسرع الشرائح الاجتماعية نموا هي شريحة من هم في سن 65 سنة أو أكثر.

إن العمليات الديموغرافية الثلاث التي تحدد بشكل مشترك حجم المكون السكاني وعمره هي الخصوبة والوفيات والهجرة. ومنذ سنة 1950، شهدت جميع المناطق زيادات كبيرة في متوسط العمر المتوقع. وبما أن متوسط العمر المتوقع عند الولادة آخذ في الزيادة ، فإن إدخال تحسينات في النظم المساعدة على طول الأعمار بين من هم في فئة الاعمار الكبيرة يُعد سببا لنسبة متزايدة من التحسن العام في الحياة أكثر . في حين ان تراجع الخصوبة وزيادة طول العمر تعتبر من الدوافع الرئيسية لشيخوخة السكان على الصعيد العالمي، فقد ساهمت الهجرة الدولية كذلك في تغيير البُنى العمرية للسكان في بعض البلدان والمناطق. ففي البلدان التي تعاني من تدفقات الهجرة الكبيرة، يمكن للهجرة الدولية أن تبطئ عملية الشيخوخة، مؤقتا على الأقل، حيث يميل المهاجرين إلى أن يكونوا من الشباب في سن العمل. ومع ذلك، فإن المهاجرين الذين يبقون في البلاد سيكونون في فئة السكان الأكبر سنا في نهاية المطاف.

معطيات خاصة بالمغرب
تزايد عدد الأشخاص المسنين، مع تفوق في عدد النساء على الرجال. فخلال الفترة الممتدة بين 1970 و2022، ارتفع عدد الأشخاص المسنين بالمغرب من مليون نسمة إلى 4,5 مليون، أي زيادة سنوية بنسبة 2,8 في المائة والتي تفوق نسبة زيادة إجمالي عدد سكان المغرب، البالغة 1,7 في المائة. وفي أفق 2050، سيصل هذا العدد إلى 10 ملايين شخص، حسب الإسقاطات الديمغرافية المنجزة من طرف المندوبية السامية للتخطيط، أي بنسبة زيادة سنوية تقدر بـ 2,9 في المائة (مقابل نسبة 0,6 في المائة لمجموع سكان البلاد). وبذلك، سيصل الوزن ( الضغط) الديموغرافي للأشخاص المسنين إلى 23,2 مقابل 12,2 في المائة حاليًا. يمكن تفسير هذا التطور السريع بتحسن أمل الحياة عند الولادة، الذي تطور من 47 سنة في بداية ستينيات القرن الماضي إلى 76,9 سنة حاليا، الشيء الذي سمح لأفواج عديدة منبثقة من فترات الخصوبة المرتفعة للوصول إلى أعمار متقدمة.

في سنة 2022، وحسب الجنس، يمثل عدد النساء المسنات 2,3 مليون نسمة، أي أكثر من الرجال بـ 100.000 نسمة، وسيصل هذا العدد إلى 5,4 مليون في أفق 2050، أي بـ 770.000 أكثر من الرجال. ويرجع ذلك إلى أن أمل الحياة عند الولادة لدى النساء أكبر من الرجال حيث يقدر بـ 78,6 سنة (مقابل 75,2 سنة لدى الرجال). كما أن أمل الحياة بعد 60 سنة يقدر بـ 22,3 سنة لدى النساء مقابل 20 سنة لدى الرجال.

ومن جهة أخرى، فإن سن الزواج الأول المبكر نسبيًا عند النساء (25,5 سنة في 2018) مقارنة بالرجال (31,9 سنة)، وكذا النسبة المنخفضة لإعادة الزواج لدى النساء اللواتي فضي زواجهن الأول (8,5% مقابل 14,5% لدى الرجال) يزيد من احتمالية وقوعهن عند سن الستين في حالة ترمل أو العيش بمفردهن. وبالفعل، فإن نسبة الترمل لدى النساء هي أعلى بعشر مرات (50,1 في المائة) مقارنة مع الرجال (4,9 في المائة)، كما أن نسبة المسنات اللائي يعشن بمفردهن أعلى بأربع مرات مقارنة مع الرجال (12,2 في المائة و3,2 في المائة على التوالي).

تواجه النساء المسنات هشاشة أكثر من الرجال المسنين. إن الظروف التي تتقدم فيها المرأة في العمر أقل جودة بشكل عام مقارنة بالرجل، وهي أكثر احتمالية من الرجال الأكبر سنًا لإنهاء حياتها بمفردها، بدون زوج. وتتفاقم حالة الهشاشة هذه بسبب المشاركة المنخفضة في الحياة العملية وأيضًا بسبب زيادة التعرض للأمراض المزمنة. في الواقع، يتوفر 9,4 في المائة من النساء المسنات على عمل (مقابل 38,4 في المائة عند الرجال) سنة 2021، غالبًا كمساعدات أسرية (57,1 في المائة). في ظل الادماج القليل أو المنعدم في سوق الشغل، وبعد أن تولت بشكل عام الأعمال المنزلية وتربية الأطفال في الماضي، تستفيد نسبة قليلة من النساء المسنات من التقاعد (15,8 في المائة مقابل 41,1% عند الرجال المسنين) في سنة 2021.

وفي مجال الصحة، تعاني ما يزيد بقليل عن ثلثي النساء المسنات (73,3 في المائة) من مرض مزمن واحد على الأقل (مقابل 55,5 في المائة عند الرجال)، في الوقت الذي أقل من الثلث (31,9 في المائة) منهن لا يتوفرن على تغطية صحية مقابل 23,5 في المائة عند الرجال. وهذا يعكس اعتماد نسبة كبيرة من النساء المسنات على أفراد الأسرة الآخرين، خاصة وأن تسعة من كل عشرة منهن أميات. هذا الاعتماد على الأسرة قد يكون سببا لتعرض المرأة المسنة في بعض الحالات إلى العنف. فحسب البحث الوطني حول العنف ضد النساء لسنة 2019، صرحت واحدة من كل ثلاث نساء مسنات (33,2 في المائة) أنها تعرضت إلى العنف.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة